مقالات

ماسة الرمادي

ولدت في بيئة عراقية تقليدية جداً يتسم اشخاصها بالنمطية في طريقة تفكيرهم ومعاملتهم للمرأة ، وكوني ناشطة نسوية اعتقد ان الامر وحسب وجهة نظري أنها فطرة فمنذ المنشئ و كنت من الطفولة أرفض السلوكيات التي يتعامل بها نساء منطقتي ، اضافة الى ذلك فـ الترعرع والنشوء في مجتمعات منغلقة هو أكبر دافع لأي مفكر عقلاني يعيش في نمط مختلف فيما حوله ، بأن يكون مدافعاً أو ناشطاً للدفاع عن فئة مهمشة أو ضعيفة تحتاج الى ايصال صوتها الى المجتمعات الاخرى ، فنحن اليوم نحاول أن نصنع أي تغيير في مجتمعاتنا حتى نخفف وطأة وسئم الحياة الفكرية على من يأتي بعدنا ، وفي الحقيقة لقد كسرت الكثير من الصور النمطية في عائلتي ، فقد كانوا يعتقدون بأن كلمة نسوية " كلمة معيبة " وممكن ان تلحق لي الأذى ولكن اليوم أصبح الأمر مقبولاً .

كنت الصراحة لا أعي كلمة نسوية في طفولتي ومراهقتي ، وأن طرقت هذه الكلمة أمام مسامعي ،كنت لا أفهم ماذا تعني ، لكن في وسط العشرينات أدركت معنى هذه الكلمة وبأنني نسوية منذ المنشئ وعلمت بأن شيء غريب يحدث معي عند الاعتراض وقول كلمة "لا" في الكثير من الأمور في حين كان جميع من حولي يظن ان الامر طبيعياً ويمر مرور الكرام ، لكن بسبب هذه الكلمة واجهت الكثير من المشاكل والمعارضة سوءً من عائلتي وحتى المحيطين بي ، أما الان فهم يعرفون ويفهمون هذه الانسانة التي تعيش معهم .

لقد تعرضت منذ البداية إلى حملات تسقيط وجملة من خطابات الكراهية، حتى بدأت الأفكار تراودني هل انا ما اقوم به صحيح ؟ لماذا كل هذه الانتقادات تدور حولي ؟ كنت اشك في حقيقة وجودي وفكري ولكن عندما أدركت أن الشخصيات التي تقوم بمحاربتي هم شخصيات هزيلة وعديمة الفكر والاحترام ولا تمتلك أي أخلاقيات في الخصومة ، بعدها أدركت بأنني على حق ليس الى حد المطلق ، والآن لا اخذ هذه الحملات على محمل الجد ففي المقابل هناك حملات تعزيز وتكريم ودعم من قبل النساء اللواتي اكن لهن كل الحب والاحترام والمساندة ، وأصبحت هذه الحملات تقوي من عزيمتي وإصراري في البقاء واكمال الطريق .

بحكم كوني ناشطة نسوية ومدافعة عن حقوق النساء فقد استلم الكثير من حالات العنف ، فقد أثرت تلك الحالات بشكل كبير في نفسيتي وبدأت معي رحلة من الاكتئاب والعزلة ، بالإضافة إلى كوني انسانة عراقية تعيش في مجتمع عراقي منغلق فهذا بحد ذاتها يشعرني بالإحباط والفشل والتأخر في خطواتي  وبعد ذلك بدأت اخذ الموضوع بجدية والى معالجة النفسية لمواكبة التغيرات التي تحدث مع كل موجة اكتئاب وخاصة ما بعد استلام الحالات التي احاول انقاذها من غير الحالات التي تظهر على مواقع التواصل الاجتماعي وكنت في بعض الحالات التي اخسر بها حالة كنت اعاني من اكتئاب شديد وحزن وصراع ما بين الوجود والكون والبشرية والسلوكيات الغربية ،عموماً اصابني الكثير من الكآبة والعزلة والشعور بعدم الأمان و اللا فائدة من ما اقدمه بالتالي ولد لديه الشعور بالابتعاد عن الجميع ولكن في اخر سنتين اصبحت لا أكثر في المرة و بدأت أواجه هذه الأمور بصرامة وقوة أكبر .

في الختام ، رسالتي لكم قاومن أي فكرة سامة تقف في حياتكن فقط لأنكن اناث ،قاومن المشاعر والشعور بالذنب لكونكن اناث ، قاومن أي شيء يحط من كرامتكن .

قاومن بكل قوة بكل ما استطعنا من قوة بأن ترفضن و وقفن على أي اهانة من المجتمع بحجة التكريم أو بغاية الحب والحماية . نحن نعاني من أفكار ممنهجة بأن تشعر الأنثى بأنها الأقل ، لا تسمحن لأي فكرة او عادة او مجتمع او ارث او اي كان ان يقلل من قيمتكن 

اتمنى حياة سعيدة خالية من الدماء ومن العنف القائم على النوع الاجتماعي