مقالات

         يمر يوم 20 شباط يوم العدالة الاجتماعية وبلدنا على حافة ازمة خطيرة ذات اوجه عديده وعلى مختلف الاصعدة، يعبر المواطنون وبشكل واضح كل يوم عن حاجتهم لقضايا العدالة الاجتماعية، سيما تلك التي تمس حاجاتهم الحياتية والمعيشية الضرورية، فالمعطيات تشير الى الخلل الواضح في توزيع الثروات وانتشار الفقر والمرض في بلد يمتلك من الثروات الطبيعية الكثير.

         غاب عن العراق مفهوم العدالة الاجتماعية طوال عقود من الزمن، واستبشر العراقيين خيرا بزوال نظام البعث مع احلام وتمنيات بالوصول الى المستوى المعيشي لائق، ولكن وبعد مرور 10 سنوات على سقوط النظام، وتعاقب على حكم العراق عدد من الحكومات الوطنية لا يزال العراقيون يرزخون تحت نير غياب العدالة الاجتماعية، حيث بلغت نسبه السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر، حسب إحصائيات الامم المتحدة، 23% من عدد السكان، وهذا ما تؤكده وزارة التخطيط العراقية في بعض إحصاءاتها، بينما تبلغ  نسبة البطالة بين الشباب مستويات كبيرة جدا، حسب تقديرات الامم المتحدة، بينما 53% من العراقيين لا يمتلكون سكنا مناسبا. هذا طبعا إضافة الى واقع الخدمات المزرية التي يفتقدها العراقيون.

         مع انتهاء النظام السابق، ووضع الاساس لنظام سياسي جديد اعتمدت الديمقراطية حجر الزاوية في هذا النظام، وقد مارس العراقيين عدد من العمليات الانتخابية اثبتوا فيها رغبتهم ببناء عراق غير الذي عرفوه عراق يعمه الحب والسلام، ولكن الانتخاب والمشاركة السياسية ليست وحدها الاسس التي تقام عليها الديمقراطية، فهناك جانب اخر للديمقراطية وهي العدالة الاجتماعية والتي للأسف الشديد غاب عن عراقنا الحبيب، وهذا ما يعبر عنه العراقيون يوميا وفي كافة المنابر وبمختلف المحافل.

رغم الميزانيات الكبيرة للحكومات العراقية المتعاقبة ووعود المسؤولين وإقرار قوانين واستراتيجيات مثل استراتيجية تخفيف الفقر في العراق وقانون محو الأمية وغيرها لم يلحظ العراقيون اي تقدم في هذا المجال، والسبب يعود بحسب البعض الى غياب المعلومات الكافية والجدية في التعامل مع هذه القضايا.

ان ما حصل في العراق من تغيير سياسي ليس كافيا يحتاج الى تغيير اجتماعي لكي يقطف العراقيين ثمار التغيير، لان الديمقراطية ليست فقط انتخابات بل ان لها جوانب اجتماعية اقتصادية اخرى تحتاج للوقوف الجدي من قبل جميع الاطراف.

وهنا ندعو صناع القرار العراقيين الى تضييق الهوة بين طبقات المجتمع، والسعي الجاد من اجل تطبيق العادلة الاجتماعية عبر التشريعات والاجراءات التنفيذية، كما ندعو منظمات المجتمع المدني للعمل سويا من تجل التعريف بهذا المفهوم والسعي من اجل تطبيقه في العراق.

         من الجدير بالذكر ان العالم يحتفل في الــ20 من شباط من كل عام باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، بعد ان أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 26 تشرين الثاني 2007، اعتبارا من الدورة الثالثة والستين للجمعية العامة، قرار الاحتفال سنويا بيوم العشرين من شباط بوصفه اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية.

والعدالة الاجتماعية هي نظام اقتصادي-اجتماعي يهدف إلى إزالة الفوارق الاقتصادية الكبيرة بين طبقات المجتمع، وذلك عبر  إعادة توزيع الدخل الوطني وتكافؤ الفرص، ومعاملة عادلة، وحصة تشاركية من خيرات المجتمع. واصبحت العدالة الاجتماعية مبدأ أساسي من مبادئ التعايش السلمي يتحقق في ظله الازدهار. فعندما نعمل على تحقيق المساواة بين الجنسين أو تعزيز حقوق الشعوب الأصلية والمهاجرين يكون ذلك إعلاءً منا لمبادئ العدالة الاجتماعية. وعندما نزيل الحواجز التي تواجهها الشعوب بسبب نوع الجنس أو السن أو العرق أو الانتماء الإثني، أو الدين أو الثقافة أو العجز نكون قد قطعنا شوطا بعيدا في النهوض بالعدالة الاجتماعية.

         في منطقتنا العربية كانت العدالة الاجتماعية مطلبا رئيسا للمتظاهرين في كل من دول الربيع العربي، وهذا يؤشر الى اي مدى غاب هذا المفهوم عن تلك الشعوب، ورغم حصول التغيير في بعض تلك الانظمة الديكتاتورية لكن الى الان لم تقطف ثمار الحرية، في ذات الوقت تغييب العدالة الاجتماعية عن صناع القرار الجدد.

تحرير فريق 

مركز المعلومة للبحث والتطوير       منظمة تموز للتنمية الاجتماعية      منظمة المجتمع العراقي النموذجي